|
اسمه المعلن والصريح «قاموع الهرمل». أما تاريخ تشييده ودلالته التاريخيّة فلا يزالان في ذمّة التكهّنات، وإن افترض بعضها أنه بُنِي في عهد الحاكم الروماني أليكسندر مانو، ما بين عامَي 175 و150 قبل الميلاد، وأن «الهرمل»، اسم البلدة التي تضمّه، منسوبة إلى الجذر الآرامي القديم الذي يعني «هرم إيل» أي هرم الإله.
كما أن اسمه فتح الباب واسعاً أمام تفسيرات عديدة، ومنها «هيروم» المشتقّة من الكلمة الإغريقيّة «أروما»، ومعناها «طيب الله» أو «الرائحة الزكيّة»، و«واحة الصيّادين»، ترجمة لمصدر الاسم من اللغة الفارسيّة، نظراً لكثرة الحيوانات في المنطقة المحيطة به. علماً أن كلمة «الهرمل» في اللغة العربية تعني «الناقة الهرِمة» أو «المرأة المسِنّة المسترخِية».
|
ونظراً الى موقعه الجغرافي، ظلّ هذا الهرم، ردحاً من الزمن، معلماً ومنارة لتحديد اتجاه القوافل التجاريّة والعسكريّة التي تعبر السهل في منطقة البقاع الشمالي. على تلّة قليلة الارتفاع، وسط الصخور الكلسيّة والتربة السوداء القاحلة والعارية من أية معالم زراعيّة وعمرانيّة، وعلى أقلّ من مسافة ثلاثة كيلومترات من الجهة الغربيّة لبلدة الهرمل، ينتصب هذا القاموع كـ «حارس» عنيد، شامخاً ومتحدّياً ثقل السنين.
من البعيد، يبدو هذا الهرم لزائر المنطقة وحيداً وسط أرض قاحلة. ومع الاقتراب منه، تتضح الرؤية لتتكامل مع رواية تشير إلى أن الدولة الفرنسيّة، خلال فترة انتدابها للبنان، وتحديداً في العام 1927، أمرت بفتح القاموع لعلمها بأنه يضمّ كنوزاً وأمتعة وأسلحة من أيام الفرس. وبغضّ النظر عن صحّة الرواية، وعما إذا كان الفرنسيون وجدوا مبتغاهم، فإن علماء آثار فرنسيين أعادوا ترميم الزاوية التي طالها الهدم، من الجهة الجنوبية ـ الغربيّة من الهرم، العام 1931، مستخدمين حجارة بركانيّة سوداء (بازلت) تبدو للعيان مختلفة عن حجارته الكلسيّة القديمة.
الهرم الذي يرتفع 26 متراً عن سطح الأرض، عبارة عن كتلة واحدة خالية من أي باب أو شبّاك، مؤلّفة من قاعدة بارتفاع 1.40 متر، وهي عبارة عن ثلاث طبقات من الرخام الأسود، وترتفع فوقها ثلاثة طوابق: سفلي مربّع الشكل (ارتفاعه 7.80 أمتار) مزيّن بالنقوش ومحاطة كل جهة منه بالأعمدة، ووسطي مربّع الشكل (ارتفاعه 7.20 أمتار)، زيّنت كل جهة منه بأربعة أعمدة متناسقة الشكل بارتفاع 0.60 متر، وعلوي هرميّ الشكل (ارتفاعه 9.60 أمتار)، مزيّن بلوحات فنيّة محفورة على جدرانه، وببعض النقوش التي تمثّل صوراً ووجوهاً لبعض الملوك، كما يرمز بعضها إلى مشاهد صيد خنازير برّية وغزلان، بوجود إحدى الدببة التي تحمي صغارها. ولكن، ما يوحّد كل المشاهد المنقوشة على الهرم هو خلوّها من أي أثر للصيّادين، والاستعاضة عنهم بعدّة الصيد من الرماح، الأقواس، العصي الحديديّة، وأشياء أخرى يصعب تحديد ماهيتها، إضافة إلى الكلاب، الأمر الذي لم يجد له علماء الآثار أي تفسير حتى الآن، تماماً كما هو لغز هذا القاموع