|
التصنيفات |
الهرمل و العمارة تاريخ و تراث |
|
الهرمل و العمارة تاريخ و تراث
بشكل خاص تعتبر العمارة في أي بيئة مرآة تعكس ثقافة المجتمع و طموحات
أفراده و مؤشراً دامغاً يرسم هوية المعماري و المجتمع في آن . و يمكن من
خلال العمارة تكوين فكرة واضحة عن مختلف النواحي و القيم المجتمعية في حقبة ما، لا
سيما تلك الثقافية و الإجتماعية و الأدبية
و من تصنيفات العمارة ما هو تراثي حيث تظهر في كل بناء قيمة فنية و ثقافية
تعبّر عن نتاج عصره ، و لا بدّ في أي دراسة أو بحث من الربط بين البيئة المبنية و
تلك الطبيعة بحيث تكون هذه العناصر مجتمعةً دليلاً على حضارة ما مع ما تمرّ به من
تطور سواء كان ذلك التطور حدثاً تاريخياً أو نمواً طبيعياً لهذه الحضارة أو
المجتمع ؛ و عندما نتحدث عن الربط ما بين البيئتين المبنية و الطبيعية ستجد نفسك
حتماً امام طبيعة تشكل المياه فيها العنصر الأبرز و هذا يقود إلى الحديث عن
الدعائم الشرقية لشمال لبنان و على بعد 5 كلم من منبع نهر الاورونتيس (العاصي)
ووسط غوطة خضراء ، تنصب الهرمل شامخة على زتلـّس آثار و تنتشر على قدميها أعمدة و
تيجان أعمدة و طواحين ، تشهد تاريخها. فقربها من نبع العاصي و كونها من أغنى أجزاء
لبنان بالغابات الحرجية . جعلاً من الهرمل و المنطقة المحيطة لها أرضاً حدودية
فاصلة، و حزاماً يوزع المياه و ممراً للغابات التي طالما تطلع نحوها الآخرون بنهم
.
رغم ماضيها الهام ، لم تظهر الهرمل في النصوص إلاّ في
القرن الخامس عشر قبل الميلاد ، وذلك قي سجلاّت تاريخ تحوتموسيس الثالث، تحت إسم
أ- ر- م أو ر-ن-م (أرنام أو هارنام) . و رغم أن العهد التاريخي للهرمل غير معروف ،
و لازال هناك حاجة للبحث عن العنصر البرونزي و الحديدي في التلة التي تشرف على
الهرمل و تتحكم بها ، حيث لم تجد بعد
حفريات أثرية . أما الآثار المرئية الباقية فهي من الأنصاب الحجرية والأضرحة المصنوعة من الحجارة الضخمة غير
المنحوتة تعود لآثار باقية عن فترة ما قبل التاريخ .
لعل أشهر تلك المعالم و النصب التذكارية العائدة للحقبة
اليونانية الرومانة دون منازع .
قاموع الهرمل:
يتربع هذا الآثار التاريخي على إحدى التلال المحيطة
بالهرمل في أعلى نقطة من سهل البقاع و يبعد عن مدينة الهرمل حوالي 6كلم و قصة بناء
هذا الهرم حسب المؤرخين تعود إلى 175ق.م. و تحديداً إلى زمن الحاكم (اليسندر
مانو). و يتألف قاموع الهرمل و هو على شكل هرم من قاعدة مؤلفة من ثلاث طبقات من
الرخام الأسود شيد فوقها الهرم و يبلغ إرتفاعه حوالي 27م تبرز هندسة هذا الأثر على
جوانبه الثلاثة لوحات منقوشة تمثل صوراُ ووجوهاً لبعض الملوك و هم يمارسون الصيد .
ثمة آثار أخرى تنتشر حول المنطقة حيرة وبسيبس و تلّ
الفار . أحدها يعرف بــ"الجدار المصري" و يقع كما يذكر المؤرخون القدماء
، بالقرب من منبع نهر أورونتيس (العاصي).
في الهرمل الكثير من المعالم الأثرية و الطبيعية نذكر
أبرزها :
دير مار مارون وقصر البناة :
دير مار مارون أو مغارة الراهب كما تعرف ، ففي باطن صخور
الجبل في وادي العاصي و على إرتفاع 90م من النهر شيدت هذه المغارة الكبيرة و التي
تتألف من ثلاث طبقات تصل بينها سلالم و أدراج ، و كل طبقة تضم عدة غرف و قد لجأ
إليها في القرن الرابع للميلاد القديس مار مارون مؤسس الطائفة المارونية مع بعض
الرهبان المسيحيين من أتباع هذا القديس .
نبع قناة زنوبيا
:
تبعد عن الهرمل 10كلم و تبدأ من وادي العاصي وصولاً إلى
مدينة تدمر في سوريا و حفرات على شكل أبار متصلة ببعضها البعض . عمق البئر 35م و
هي تمد مملكة مملكة تدمر بالمياه العذبة الغزيرة من مياه نهر العاصي .
لوحة نبوخذ نصّر
لوحتا بريصا و تعودان إلى عهد نبوخذ نصر و هما جداريتان
كبيرتان تحكيان بالكتابة المسمارية عن المعارك و الانتصارات التي قام بها جيشه في
الفتوحات في ذلك العهد .
و هناك أيضا على بعد 1 كم من هاتين اللوحتين آثار لكنيسة
بيزنطية تعود لحقبة القرون الأولى.
و هنا لا بد من الإشارة إلى عشرات المواقع في الهرمل
منها ما هو ظاهر و كلها بحاجة إلى تنقيب لدراستها و تبيان عمرها و الحقبات تاتي
تعود إليها و كذلك الحضارات التي مرت بها.
و بالعودة إلى العمارة التراثية فإنك ترى في الهرمل
عشرات النماذج الرائعة من منازل و دور بها من التنوع ما يكفي لتكوين فكرة واضحة
كحال أي مجتمع _عن التباين بين طبقاته بشتى المجالات حيث تبرز في بعضها مظاهر
الترف من خلال النقوش و الزخارف التي تحملها مداخل هذه الدور و واجهتها من جدران و
أسقف و نوافذ و قناطر متنوعة مما أكسب العمارة التراثية قيمة في الشكل و المضمون ,
كذلك على صعيد المواد التي تحويها و التي هي بغالبيتها محلية الصنع و المصدر و
بعضها الآخر بدائي الصنع و التصميم يعتمد بشكل أساسي على الحجر الغير مصقول
يالإضافة إلى الطين المجبول بالتبن للجدران و كذلك أغصان شجر لتقوية زوايا البناء و سقفه .
و كل هذه النماذج بحاجة اليوم إلى ترميم و تشجيع للحفاظ
عليها بما تمثله من إرث في يوم ما- إذا حفظناه - إرثا تاريخيا لأجيال و أجيال.
|
|
|
|